القسط وفوائده
( القسط ) هو : عبارة عن قطع خشبية وأعواد
وهي تؤخذ من نبتة القسط التي يبلغ ارتفاعها (1.5) م ، و لها أوراق وساق وجذور ، وينبت في الهند ، والقسم المستعمل منه في العلاج هو قشور جذوره التي تكون بيضاء ، أو سوداء ، وسمي : البحري ، لأن العرب كانت تجلبه عن طريق البحر ، وأما تسميته بالحلو ، أو المر ، فذلك متعلق بطعمه .
فهو قسط هندي ولونه ( أحمر أو بني ) وقسط بحري ولونه ( أبيض ) .
قال الإمام ابن القيم : القسط نوعان : أبيض يقال له البحري ، وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة ، والأبيض ألينهما ، ومنافعهما كثيرة جدا .
وهما حاران يابسان في الثالثة ، ومنافعهما كثيرة : ُينشفان البلغم ، قاطعان للزكام ، وإذا شربا نفعا من ضعف الكبد والمعدة ومن بردهما ، ومن حمى الدور والربع ، وقطعا وجع الجنب ، ونفعاً من السموم ، وإذا طلي الوجه معجونا بالماء والعسل قلع الكلف . الطب النبوي ( 354 )
وقد ورد ذكر " القسط " في الأحاديث النبوية ، فبوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الطب : باب السعوط بالقسط الهندي والبحري :
ثم روى عن أم قيس بنت محصن قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بهذا العود الهندي ، فإنَّ فيه سبعة أشفية : ُيستعط به من العُذرة ، ويلدُّ به من ذات الجنب " البخاري (5692) .
وفي باب الحجامة أيضا منه :
روى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنَّ أمثل ما تداويتم به الحجامة ، والقُسط البحري " .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العُذرة ، وعليكم بالقسط " البخاري (5696) كتاب الطب .
(العذرة ) بضم العين وسكون الذال ، هي التهاب الحلق واللوز ، وقيل : هي قرحة تخرج بين الأذن والحلق .
والغمز هو : الضغط بالأصابع ، وكان نساء المدينة وما يزال نساؤنا حتى اليوم يلجأن إلى معالجة العذرة بالأصابع أو غمز الحلق بها .
وقد يلجأن إلى إدخال فتيل من خرقة في أنف المريض ، فيطعن به البلعوم الأنفي فينفجر من الدم .
( السعوط ) : هي تناول الدواء عن طريق الأنف بالتقطير .
( ذات الجنب ) : قال عنه ابن حجر العسقلاني : " هو ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع ".
( اللَّدود ) قال ابن حجر العسقلاني : " اللَّدود بفتح اللام وبمهملتين ، هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ".
ففي الأحاديث السابقة إرشاد لاستعمال هذا الدواء النافع ،
وقد قال الأطباء : إن نبات القسط :
1. يحتوي على مادة الهلينين ، وحمض البنزوات ، وكلاهما من المواد المطهرة للجراثيم ، ومن هنا فائدة القسط في علاج اللوز ، والتهاب اللهاة ، والتهاب البلعوم ، وهو المقصود بالعذرة في الأحاديث.
2. كما أن احتواء القسط على هذه المواد المطهرة القاتلة للجراثيم ، يبين فائدة القسط في علاج ذات الجنب الجرثومية ، وذات الرئة الجرثومية .
3. وفي الجمع بين الحجامة والقسط له مغزى طبي ، وذلك لاحتواء القسط على حمض البنزوات والهيلينين المطهرتين ، والقاتلتين للجراثيم ، وهو دور القسط في تعقيم مشرط الحجامة ، إذا طلي به ، ودوره في تعقيم الجروح الحادثة بهذا المشرط .
4. كما أن الجمع بين القسط البحري والحجامة يحمل سرٌّا لطيفا ، وهو : الوقاية من التشوهات والندبات بسبب الحجامة .
يقول موفق الدين البغدادي في كتابه ( الطب من الكتاب والسنة ) :
" وفي جمعه صلى الله عليه و سلم بين الحجامة والقسط سر ٌّلطيف ، وهو أنه إذا طلي به مشرط الحجامة ، لم يتخلف في الجلد أثر المخاريط ، و هذا من غرائب الطب " .
5. في النهي عن غمز العذرة ، أي : النهي عن ضغط اللوزات والحلق الملتهبين بالأصابع ، إشارة واضحة إلى الهدي النبوي في تصحيح الأخطاء الشائعة في الطب الشعبي ، حيث إنَّ غمز العذرة ليس فقط لا يفيد في علاجها ، بل وكذلك يضر ، فهو يسبب ألماً شديداً للمريض ، وقد يسبب نزف الدم ، وقد يسبب إنتشار الالتهاب إلى المناطق المجاورة .
6. قوله صلى الله عليه و سلم : " و يُلدُّ به ذات الجنب " ذكرنا أن اللدود ما يسقى في أحد جانبي الفم ، واللُّد بالضم هي الفعل ، وفي هذا إشارة إلى طريقة إعطاء الدواء للمريض عندما لا يتمكن غالباً من تناوله بيده ، أو يرفض تناوله ، كما يحصل عند الأطفال غالباً ، فإذا رفض الطفل تناول الدواء فيجب إعطاءه إياه عنوة ً ، و ذلك بفتح فمه وسقيه الدواء في أحد جانبي فمه ، أما وضع الدواء في وسط فمه فقد يؤدي إلى الشرقة به .
قال صاحب فتح الباري : قوله " فإن فيه سبعة أشفية " جمع شفاء كدواء وأدوية اهـ .
أما صفة التداوي به ، فقال الحافظ : ويحتمل أن تكون السبعة أصول صفة التداوي بها ، لأنها إما طلاء (دهان) أو شرب أو تكميد أو تنطيل أو تبخير أو سعوط أو أو لدود اهـ .